ينظر إلى الصراع أنه أحد مظاهر البيئة التنظيمية الحتمية التي ﻻ يمكن تفاديها. وتختلف درجة حدته وتأثيره على*المنظمة*والفرد حسب الموضوع وأطراف الصراع. ويعرف الصراع بأنه «حالة من التعارض تحدث بين طرفين أو أكثر نتيجة للتفاعل بينهم يؤدي إلى نشوء حالة من التوتر في العﻼقات بين أطراف الصراع ينتج عنه ضعف في اﻷداء وإرباك للقرار». وﻻ شك أن للصراع أسباباً كثيرة منها اختﻼف القيم واﻻتجاهات واختﻼف التجارب والخبرات واختﻼف اﻷهداف والغايات وتتداخل المسئوليات والصﻼحيات واختﻼف أنماط الشخصيات وغير ذلك.ومن المعلوم أن أحوال الخﻼف تتغيَّر وتتبدل فقد يبدأ الخﻼف خفياً ثم يتطور إلى خﻼف مﻼحظ ثم يتطور إلى خﻼف محسوس ثم يصل أخيراً إلى خﻼف جلي أو ظاهر؛ أي أنه بصبح واضحاً للعيان. وهناك مظهران للصراع في البيئة التنظيمية أحدهما إيجابي واﻵخر سلبي. فأما اﻹيجابي فعندما تغلب المصلحة العامة على المصلحة الذاتية عن طريق تطوير*التنظيم*وتغيير العﻼقات السائدة فيه. أما السلبي فيحدث عندما تغلب المصلحة الذاتية على المصلحة العامة مما يؤثِّر سلباً على قوة وتماسك الجماعة وتفاعلها وتحقيق أهدافها.*وينشأ الصراع بين اﻷطراف بطريقة تلقائية حيناً وبطرق متعمدة أحياناً كأن يلجأ إليه الرئيس أو المشرف لخلق حالة من التوتر بين اﻷفراد على طريقة «فرّق تسد» خدمة ﻷهدافه وغاياته. والجدير بالذكر أن الصراع يمكن أن يحدث بين اﻷفراد أو داخل الجماعات أو بين الجماعات أو بين المنظمات. ويأخذ الصراع بين اﻷطراف أشكاﻻً مختلفة من التوتر والقلق والخوف واﻻعتراض وعدم اﻻستجابة ورفع الصوت واستخدام اﻷلفاظ النابية، وقد يصل أحياناً إلى التشابك باﻷيدي وتسديد الضربات والرفس بالركب واﻷقدام وغيرها.*ومن أهم الصراعات في البيئة التنظيمية الصراع الذاتي أو صراع الدور كأن يطلب من الموظف أعماﻻً تتعارض مع قيمه أو آرائه أو رغباته أو تتعارض مع قيم وآراء ورغبات اﻵخرين. فقد يكلّف الموظف بأعمال بسيطة أو غير ضرورية أو يطلب منه أن يؤدي أعماﻻً متناقضة من عدة مديرين أو عند تعارض مطالب العمل من حيث اﻷولويات. أما المديرون فقد يواجهون صراع الدور عند تخطي خطوط السلطة أو عند تعارض مطالب*اﻹدارة*مع طلبات الموظفين الذين يشرفون عليهم.*
ويستخدم عدد من اﻷساليب ﻹدارة الصراع في البيئة التنظيمية منها: أسلوب تجنب الصراع مع الطرف اﻵخر عن طريق التأجيل أو التجاهل، وأسلوب استخدام القوة ﻹجبار الطرف اﻵخر على قبول وجهة نظر معينة عن طريق استخدام النظام، وأسلوب التكيّف عن طريق التنازل عن المطالب وقبول مطالب الطرف اﻵخر، وأسلوب التوفيق عن طريق التنازل ببعض المطالب مقابل تضحية الطرف اﻵخر ببعض مطالبه أيضاً، وأسلوب التعاون عن طريق العمل على نقاط الوفاق وتجنب نقاط الخﻼف.*وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم وهو: كيف نختار اﻷسلوب المناسب لحل صراع معين؟ والجواب يكمن في تحليل الصراع للتعرّف على أسبابه وآثاره وتحديد أطرافه للتعرّف على أهدافهم وغاياتهم ومدى تأثيرهم ومن ثم دراسة البدائل المتاحة ﻻختيار اﻷنسب منها في حل الصراع. وبالتالي فإن حل الصراع يعتمد على المواقف وعلى اﻷطراف بالدرجة اﻷولى.*وتجدر اﻹشارة إلى أن البعض ﻻ يلجأ إلى حل الصراع بطريقة علمية عن طريق تحليل الصراع ولكنه يدير الصراع حسب نمط شخصيته، فإن كان انسحابياً أخذ بأسلوب تجنب الصراع وإن كان قوياً أخذ بأسلوب اﻹجبار وإن كان ضعيفاً أخذ بأسلوب التكيّف وإن كان أصولياً أخذ بأسلوب التوفيق وإن كان واقعياً أخذ بأسلوب التعاون. والحمد لله والصﻼة والسﻼم على رسول الله.*