أكاديمية التدريب الاحترافي

أكاديمية التدريب الاحترافي (http://www.aptksa.org/vb/index.php)
-   أكاديمية التنمية البشرية (http://www.aptksa.org/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   أمية المشاعر (http://www.aptksa.org/vb/showthread.php?t=2119)

د. وديع إلياس 06-10-2011 02:15 PM

أمية المشاعر
 




أمية المشاعر




هل اعترتك في يومٍ ما مشاعر لم تدرك كنها أو لم تستطع معرفة حقيقة ما تشعر به؟ وما سبب إحساسك بذلك؟

في الأغلب، قد مر البعض منا بتلك اللحظات، ومن المحتمل بأننا لجأنا إلى صديق أو شخص حكيم ليساعدنا على فهم حقيقة ما نشعر به، أو أننا لم نحرك ساكناً واتخذنا من الصمت وساماً وردة فعل لما اعترانا من اضطراب، بحجة أننا نمر بوقتٍ أو حالة عارضة (عابرة) ستزول قريباً.
وقد تصاف أشخاصاً ويتبين لك من خلال تعاملك معهم بأنهم متبلّدي الإحساس، فتعتقد بأنهم بلا مشاعر، وبالمصطلح العامي قد تصفهم بأنهم "قوالب" من الثلج، إلا أن الحقيقة هي أنهم يحملون الكثير من المشاعر الفياضة ولكن قد يكونوا عاجزين عن التعبير عنها. وما من بشر لا يملك المشاعر والأحاسيس.
وقد اشتق الدكتور/ بيتر سيفنيوس مصطلح (أمية المشاعر) عام 1972م لهذه الفئة من الأشخاص الذين يعجزون عن التعبير عن مشاعرهم، والتي تتلخص صفاتها فالآتي:
- يجد صعوبة في التفريق بين المشاعر والأحاسيس الجسدية
- يترك انطباعاً بأنه يعيش في عالم آخر في مجتمع لا تسوده المشاعر
- لا يبك أبداً وإذا بكى يكون بكاؤه شديد ودموعه غزيرة، ويشعر بالارتباك عند سؤاله عن السبب
- يكذّب ما يشعر به ويتجاهل التلميحات
- ينتابه الحيرة والإنهاك عند دفعه لمواجهة مشاعر معينة، وسبب ذلك لأنهم يرون أن المشاعر سلسلة معقدة، ولعدم قدرته على التعبير فهو يشعر بالعجز، مما يؤدي به الأمر إلى ما يسمى بـ "إكتراب المشاعر" وهو احتباس المشاعر داخل الجسم والعقل وعدم التعبير عنها مما يؤدي إلى مشاكل وأعراض عضوية، فتجدهم يذهبون إلى عدة أطباء ويقومون بالعديد من الفحوصات والتحاليل الطبية إلا أن النتائج تكون سليمة، مما يؤدي إلى الاعتقاد بأن ما يشعرون به هو عين او سحر. وهذا الاعتقاد المنتشر في الكثير من مجتمعاتنا العربية. فعلى الرغم من وجود العين والسحر إلا انه ليس بالضرورة أن ننسبها إلى جميع الحالات.



ويتضح ما سبق أهمية الوعي بالذات أي معرفة الذات على حقيقتها والوعي بمشاعرنا وانفعالاتنا وكذلك الوعي بأفكارنا المرتبطة بتلك المشاعر والانفعالات. ومن البديهي أن الوعي بشعور غير مرغوب فيه يصاحبه الرغبة في التخلص منه، إلا أن محاولة تقييم للحالة العاطفية التي يمر بها الشخصكأن يقول: يجب أن لا أشعر بهذا الشعور..يجب ألا أفكر بذلك- لا يدخل ضمن مفهوم الوعي بالذات. فالوعي بالذات هو حالة محايدة تحفظ للفرد قدرته على التأمل الذاتي حتى في وسط العواطف المتهيجة ومعرفة ما هي تلك المشاعر وما سببها بدون تقييم لها.
وقد لا حظ (جون ماير) مقدم نظرية الذكاء العاطفي بشكلها الحديث أن الأشخاص ينقسمون إلى 3 أقسام من حيث الانتباه لمشاعرهم والتعامل معها:
الواعي بذاته:
وهنا يعي حالته المزاجية، ورؤيته الانفعالية واضحة،ويتمتع بصحة نفسية جيدة، ورؤيته للحياة إيجابية، وحين يتعثر ببعض الأمور السلبية فإنه لا يتوقف عندها، بل لديه القدرة على تعديها.
المنساق:
تطغى عليه عواطفه وتبتلعه، ويعجز عن تفادي المشاعر السلبية، ومزاجي بطبعه، وليس لديه وعي بمشاعره، فهو يغوص في مشاعره دون أن يدرسها، ويشعر بأنه لا يستطيع التحكم بمزاجه.
المتقبّل:
هذا يعرف مشاعره، ويتقبلها وبالتالي إذا كانت سيئة لا يحاول تغييرها، هذا الشخص يكثر تعرضه للاكتئاب سواء الخفيف أو القوي.
فالمشاعر تلعب دور أساسي في حياتنا، وخاصة في القرارات الشخصية. وقد تؤدي المشاعر القوية إلى اضطراب المنطق وعدم الحكم الصحيح على الأمور، فقد ترى شخص شعر بالضيق منذ الصباح بسبب تعليق سخيف من أحد الزملاء كان له أثر سيء عليه، فتجده طوال يومه وهو في مزاج سيء يصرخ في وجه كل من يقابله ولا مجال للحديث معه أو المناقشة، ولكن إن أتاه شخصٍ ما ليلفت نظره إلى سلوكه فسوف يفاجأ لأنه لم يكن واعياً لما اعتراه من مشاعر الغضب والتي أثرت على كل من حوله من الأشخاص. ولذلك كان الوعي بالذات هو حجر الأساس في بناء الذكاء العاطفي.
وما نلمسه في حياتنا هو ان غالبية شرائح المجتمع تعاني من أمية المشاعر ومن عدم القدرة على التعبير عما يعتريهم من انفعالات ويجهلون تماماً بأن الحل يكمن بالدرجة الأولى في الوعي بالذات وما يعتريها من مشاعر. فإدراكنا لمفهوم الوعي بالذات سيساعد كثيراً في التواصل مع النفس وتحسين العلاقات مع الآخرين.



ومن الطرق التي تساعدنا على تعلم كيفية الوعي بالذات هي أن نختلي بأنفسنا ونحاول أن نقرأ مشاعرنا في موقف معين، ولماذا أو ما سبب شعورنا بتلك المشاعر؟ وهذه التجربة كفيلة بأن تضمن لك وعياً تاماً بمشاعرك وانفعالاتك ومقدرة هائلة على التعامل معها.



كذلك تحقيق التوازن بين المنطق والمشاعر حيث أن عدم التوازن قد يدمر حياة الفرد وخصوصاً عند اتخاذ القرارات المصيرية، مثل الوظيفة والزواج والسكن وما إلى ذلك من القرارات التي تمس التفكير المنطقي وتحتاج إلى العاطفة التي صقلتها خبرة الحياة.
لكم مني أرق التحية





بقلم الكاتبة / نسرين باجابر









الساعة الآن 04:40 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات
adv helm by : llssll