أكاديمية التدريب الاحترافي

أكاديمية التدريب الاحترافي (http://www.aptksa.org/vb/index.php)
-   أكاديمية التنمية البشرية (http://www.aptksa.org/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   مواعيد عرب (http://www.aptksa.org/vb/showthread.php?t=10885)

نهر الخير 01-14-2015 08:04 PM

مواعيد عرب
 

مواعيد عرب



الكثير منا يردد على لسانه في حالة اتفاقه مع الآخر عبارة شهيرة «مواعيد خواجه، ولا مواعيد عرب».. أصبح الالتزام

بالمواعيد وضبط الوقت من سمات ذلك الإنسان الغربي، الذي أصبح ببعض سلوكياته قدوة اقتدى بها الإنسان العربي،

موقف يحصل للأغلب منا، فأذكر ذات مرة واعدني أحد الزملاء للذهاب إلى مكان ليس ببعيد، بالكاد يكون زمن بعده 15

دقيقة، الشاهد في ذلك: قد انتظرته قرابة الـ35 دقيقة، وعند مجيئه قال: عادي مواعيد عرب!! يستلطف حالتي ويجبر

خاطري.

أصبح واقعا ملموسا ومشاهدا عدم الالتزام بالوقت المحدد المتفق عليه والتأخر، بل يصل إلى ما نسميه «سحبة»، في

شتى المجالات سواء كان ذلك عن الدراسة أو العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها في مجالات الحياة الأخرى، بل

تعدى ذلك حتى أصبح في بعض الواجبات الدينية الإسلامية، فنجد أنطمة الحضور والانصراف لضبط الموظف، والتحضير

والغياب للطالب، والعتاب والسجال بين فرد وآخر، كل ذلك نتج عن تواطؤ في أهمية الوقت وانحلال قيمته المجتمعية،

والجدير بالذكر أنه نتج عن عدم الالتزام بالوقت خلف للوعد، فذلك المدين يماطل الدائن، والمؤجر للأجير، هل بالفعل أن

العرب اشتهروا بعدم ضبط الوقت والتفلت والتقصير بالوعد؟.


لو رجعنا قليلا إلى الوراء، ونظرنا في عمق التاريخ، نجد أن العرب وخصوصا في زمن صدر الإسلام، كانوا من الحريصين

جدا في استغلاله، ولا يضيعون اللحظات إلا في علم أو عمل، ونجد في الإسلام ضبطا دقيقا للوقت، فعندما فرضت

الصلاة كانت محددة في أوقات معينة، وفي ذلك تربية لنا وتعليم على تنظيم الأعمال، والقيام بها في مواقيتها المحددة،

قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)، وحرصوا أيضا على الوفاء بالوعود في جاهليتهم وإسلامهم،‏

فقد كان العهد عندهم دينا يتمسكون به، ويفتدون في سبيله قتل أولادهم، وتخريب ديارهم، فهذا هانئ بن مسعود

الشيباني أوفى بعهد النعمان بن المنذر، حيث إن النعمان بن المنذر خاف على نفسه من كسرى لما منعه من تزويج

ابنته، فأودع أسلحته وحرمه إلى هانئ بن مسعود الشيباني، ورحل إلى كسرى فبطش به، ثم أرسل إلى هانئ

يطلب منه ودائع النعمان، فأبى، فسير إليه كسرى جيشا لقتاله، فجمع هانئ قومه آل بكر وخطب فيهم فقال:

«يا معشر بكر، هالك معذور، خير من ناج فرور، إن الحذر لا ينجي من قدر، وإن الصبر من أسباب الظفر، المنية ولا الدنية

استقبال الموت خير من استدباره، الطعن في ثغر النحور، أكرم منه في الإعجاز والظهور، يا آل بكر قاتلوا فما للمنايا من

بد»، واستطاع بنو بكر أن يهزموا الفرس في موقعة ذي قار، بسبب هذا الرجل الذي احتقر حياة الصغار والمهانة، ولم

يبال بالموت في سبيل الوفاء بالعهود.



وغيرها الكثير من الأمثلة التي تبين أن العرب لم يعهد عليهم خلاف واختلاف إلا في الأزمنة المتأخرة التي نعيشها،

وأبرز ما أجده في سبب ذلك: الانبهار بالحضارة الغربية، والقبول والذوبان فيها حلوها ومرها، لا أقول الكل إنما البعض،

ونجاحهم في زراعة النظرة الدونية، والتزهد فيما يمتلكه المسلمون العرب من حضارة.



عبدالقادر عبدالباري


صحيفة عكاظ


الساعة الآن 08:29 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات
adv helm by : llssll