عش في حدود يومك ترى ربيع الأيام يزهر قبل حينه !

لقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا المعنى العظيم ..

وأبت أوقاتنا أن تسمح لنا لنتأمله ونرى فيه ملامح الحاضر الزاهي..

يقول صلى الله عليه وسلم: " من أمسى آمنا في سربه , معافى في بدنه

عنده قوت يومه وليلته ,فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها"..

فهل بقي من الأحلام المنتظرة ما يمكن أن يخرج عن حدود معالم هذا
القبس النبوي الكريم ! ؟ ..

أعجب شيء في الإنسان أنه يفكر في الغد قبل أن يأتي !

فيبعثر بهذا التفكير أحلامه وأما نيه..

ويكتب بذلك أقسى أيام العمر في حياته كلها ..

إن الغد لم يأتي بعد.. وكم أنت أحق بالاحتفال بيومك أكثر

من الانتظار لغدك !..

دعك من القلق على الرزق فقد أقفل رسولنا صلى الله عليه وسلم

باب الهم والتفكير في هذا الطريق بقوله في حديث ابن مسعود رضي الله عنه

" ثم يكتب أجله ورزقه وشقي أو سعيد "

وهذا كله في تمام الثمانين الأولى من ميلادك فلماذا تشغل بالغد القادم وكل ما فيه مكتوب ؟..

لماذا ترهق نفسك بالتفكير في الغد ورسولك صلى الله عليه وسلم قد قال : " واعلم أن

ما أصابك لم يكن ليخطئك , وما أخطأك لم يكن ليصيبك , واعلم أن الأمة لو اجتمعت

على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك

بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك .. رفعت الاقلام وجفت الصحف"

لقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم عيش اللحظة الآنية بصدق

حين قال : " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع

ألا يموت حتى يغرسها فليغرسها " فهل المسلم بحق سوى هذه الايجابية

في لحظته؟ .. فإذا كانت الساعة مع ما فيها يكتب لنا النبي صلى الله عليه وسلم

أن نكون فيها أقصر ما نكون على لحظات أعمارنا .. فكيف بالغد الذي نوقف

حياتنا على الغيب الذي يلده ؟! ..

عش يومك فحسب .. فهذا ابن عمر رضي الله عنه يقول : " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء

وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" ..

قم فشيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى في لحظات من يوم واحد كتب كتابه الواسطية

وهو يلقى اليوم آثار جهده !..

ورب صدقة في ظلام يوم أو ضحاه كتبت رضا الله تعالى إلى يوم تلقاه!

وتبسمك في وجه أخيك صدقة .. وهي لا تتجاوز لحظة لا تكاد تذكر

في ثنايا يوم عابر!..


إياك ثم إياك أن تجعل غيوم الماضي تغطي شمس الحاضر ..

وإياك أن تتجاوز يومك الحاضر إلى الغد الغائب ..

فإن هذا التطلع سرقة الغد من أحلام اليوم .



إضاءة : سر الحياة الحقيقية في عيش اللحظة والاستمتاع بها على أكمل وجه.