الموضوع: الذات والسرداب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-07-2014, 03:48 AM
نهر الخير غير متواجد حالياً
نهر الخير
المراقبين
 


افتراضي الذات والسرداب

(الذات والسرداب)

بعد بحث طويل عن الذات لدى كثير من الناس الذين لم يستطيعوا التعرف على ذواتهم وجدت أنها تسكن في سجن

مظلم في داخلهم وعليها أثار التعب الشديد والغربة منذ سنوات طويلة مما زاد من فضولي في معرفة السبب في ذلك

فأجريت معها الحوار التالي :

س1- منذ متى وأنت تسكنين هنا ؟

كانت الإجابة غير متوقعة قالت لي منذ الطفولة

س2- كيف حصل ذلك ؟

قالت منذ الطفولة كان أبي وأمي يريدونني أن أكون الطفل الذي يرضى عنه الآخرين , فعندما يحضر الضيوف يطلبون

مني الجلوس من أجل أن يقول الناس عني مؤدب فيحرمونني من اللعب وأكون حبيسة السرداب.

وأستمر اهتمامهم بذلك بعد دخولي المدرسة فأصبح الرضاء عن مستواي مرتبط بأبناء الجيران والأصدقاء والأقارب .

حتى تبنيت هذه الفكرة في المرحلة المتوسطة فأصبح لبسي وأكلي وشربي مرتبط بما يلبس ويأكل ويشرب الآخرين

حتى تخرجت من الثانوية وما زلت أعيش في هذا السجن المظلم .

لم أحصل على التربية والتعليم التي تحثني على التنافس الشريف وتلبي رغباتي واحتياجاتي بل كانت متمركزة على

الاهتمام بالآخرين ونظرتهم لي .

حتى عندما أردت أن أختار تخصصي الجامعي لم أنظر إلى رغبتي الشخصية بل كان الاختيار بمني على ماذا يريد

المجتمع , وما هي أكثر التخصصات التي تحقق لي مكانة في المجتمع وينظر لها الآخرين بالاحترام .

واستمر ذلك حتى عندما قررت الزواج كان بناء على نظرة المجتمع وما هي التجهيزات التي يريدونها حتى أحصل على

رضاهم .

إن حياتي أصبحت في هذا السجن المظلم , فلم يعد مهم ماذا أريد , فكل سلوكياتي وأهدافي كانت من أجل أرضاء

الآخرين .

إن هذا الحوار جعلني أتسال كثيراً كم هم الأشخاص الذين حبسوا ذواتهم في نفس السرداب منذ الطفولة ؟ وجعلوا

حياتهم مرتبطة بالآخرين حتى الآن ؟ ولماذا لم يشعروا بذلك ؟ وماذا يمكن أن يحدث إذا أستمر ذلك ؟

يقول الدكتور عبدالرحمن الهاشمي أن الذات عندما تسكن ذلك السرداب لا تستسلم فهي لها رغباتها واحتياجاتها لذلك

تصرخ للخروج من ذلك السرداب والسجن المظلم من خلال اشعار الشخص بذلك فيشعر بضيقه ومشاعر سلبية لا

يعرف سببها , وقد تطرق السرداب بقوة من خلال الصداع المستمر والقولون العصبي حتى يشعر الشخص بحاجتها

ويعتني بها ولكن الكثير يتجاهل تلك الأعراض فيحاول الهروب منها فلا يستطيع الجلوس لوحده حتى لا يسمع صوته

النابع من الداخل والبعض لا يستطيع الذهاب إلى النوم حتى يشعر بالتعب الشديد الذي يضمن له أنه سوف ينام دون

أن تعاتبه ذاته. إذا استمر في ذلك قد تصل إلى مرحلة أن الذات تكسر السرداب فيشعر باكتئاب حاد أو محاولة انتحار

لأنه يشعر بان لا قيمة له في هذه الحياة .



الآن أصبحنا ندرك السبب الحقيقي الذي جعل الكثير يصل إلى مرحلة الغربة مع ذاته حتى أصبح بحاجة إلى مترجم

عندما يريد الحديث معها , فلا يعرف من هي وماذا تريد وما هي قدراتها ومهارتها إذاً ما هو الحل الذي يجعلنا قادرين

على تحرير تلك الذات من ذاك السجن المظلم لكي نتعرف عليها ؟ وما هي الطريقة الصحيحة في التعامل مع الآخرين

؟ وماذا يمثل الآخرين لي في هذه الحياة ؟ هذا ما سنعرفه غداً بإذن الله في رحلة جديدة مع الذات .

يتبع .................

الكوتش :فواز العصيمي






رد مع اقتباس