عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-2013, 01:47 AM   رقم المشاركة : [2]
نهر الخير
المراقبين
 

معلومات اضافية
الجنس :
الدولة :
المزاج :

My MMS
افتراضي




احرص على معرفة اسم مجالسك وادعه به، وليكن ذلك في أول الحوار، مثل قولك : "هل لي أن أتشرف بمعرفة اسمك الكريم؟"

ثم خاطبه به مقروناً بلفظ التقدير الذي يفضله، ويختلف ذلك من مجتمع لآخر، فمنهم من يكون قمة التقدير عنده أن تدعوه بأكبر أبنائه،

ومنهم من يفضل مناداته بدرجته العلمية: كأستاذ أو مهندس أو دكتور..


وليكن اسمه جزءاً أساسياً من خاتمة الحوار كقولك: "لقد كانت مناسبة سعيدة أن تعرفنا عليك يا أخ فلان.."

فهي كالطابع في نهاية الرسالة لابد منه، ثم إن لاقيته ثانية فابدأه باسمه.


ولا تبالغ في ترديد اسمه بين كل حرفين؛ فإن ذلك مما يمجه الذوق وتبغضه النفس.. وتذكَّر أن كبير السن يبهجه التصاغر

أمامه والتقرب إليه، ولذلك كان إبراهيم ينادي آزر بنداء الأبوة مضافاً إليه: "يا أبت".


ومن اللياقة أن تعرفه بالحاضرين، وتعرف الحاضرين باسمه، مما يشعره أنه واحد منهم لا غريباً عنهم.. كما قد يسهل ذلك عليك

أن تقرره بحقيقة تريد بيانها، وذلك بإدراج اسمه ضمناً كقولك: "وأظنني والأخ فلان متفقين على هذا الأمر" وكم ابتهج وضيع

بذكر اسمه من رفيع، وأنسته البهجة موضوع الحوار وأقبل على ما كان يرفضه قبل حين .


قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه -: "ثلاثة تُثبت المحبة لك في قلب أخيك: أن توسع له في المجلس، وأن تدعوه باسمه،

وأن تبدأه بالسلام".



(( ** حـسـن الـبـيـان ** ))


الفصاحة والبيان يفعلان فعل السحر في السامع .. فصاحة من غير إغراب ولا تعقيد، وبيان من غير تشدق ولا تفيهق .


قال الجاحظ : البيان ترجمان القلوب وصقل العقول .


وما أحلى الحوار بكلام يأتي بقدر الحاجة في وقت الحاجة، وقد رُوى عن عمر- رضي الله عنه- أنه قال : إن أندم على شيء من الدنيا،

فلا أندم إلا على ثلاثة ذكر منها وأن أجالس أناساً ينتقون كلامهم كما يُنْتَقَى أطايب الثمر .


ومن ضروب البيان تبسيط الفكرة ومقارنتها بغيرها ..

سئل الشاعر أحمد شوقي : لماذا تكتب القصائد ذات الحكايات الخرافية ؟

فقال : لأن الأمثال وحدها بدون حكاية عبارة جافة سرعان ما تنسى، كما أنها لا تثير الاهتمام.

أما الحكاية فهي تستثير اهتمام الطفل لمتابعة حوادثها حتى النهاية، وبالتالي لفهم العظة الأخلاقية التي هي هدف القصيدة

ويقتنع بها .


ومما يفسد البيان عجمة بعضهم باستخدام ألفاظ غير عربية أو رطانتهم بسرد التعابير التقنية التي يعرفها من خلال تخصصه –

كطبيب أو مهندس – أو من حصيلة قراءته العامة، أو لعله يتباهى بها أمام من يجهلها، وربما كان هو بها أجهل!!.


فما أجمل بساطة العبارة، من غير إطالة ولا تكرار، حتى لا يخل بعض الكلام ببعض، فكم ضاع حق بسوء عبارة، وظهر باطل

بحسن طلاوة، كما أنه ينبغي على المتحدث ألا يسرع بعرض أفكاره فَيُعْجِزُ عن ملاحقته ولا يبطئ فَيُمَلَ منه ويترك، وأن يكون

واضح العبارة لا تجد صعوبة في تتبع كلماته.



وينسى البعض أثناء حديثه .. فهو حينما ينتقل من فكرة لأخرى أو ينشغل بالتفكير في ثالثة، فإنه لا ينقطع عن الحديث بل يظل يعيد

بعض الأحرف أو الكلمات مثل " فا..فا .. آ آ .. يعني يعني .. " وما كان ذلك إلا لخوفه من المقاطعة أو أنه سريع الحديث فيصعب عليه

التحكم في ألفاظه نظراً لانشغال عقله في وصل الحوار.


ومن البيان أن يعرف متى يتكلم، ومتى ينصت، ومتى يجيب إشارةً، وما أجمل كذلك أن يطرز كلامه بشواهد الشعر والنثر دون

المبالغة في ذلك.

قال أبو العتاهية: " لو شئت أن يكون حديثي كله شعراً موزوناً لكان " .


ومن البيان أيضاً أن يكون الفرد موضوعياً، فالناس تشدهم الحقائق وتضايقهم العموميات، ويحترمون من يرفد حديثه

بالأرقام والتواريخ والأحداث.


(( ** الخلاف طبيعة بشرية ** ))


شيءٌٌ لابد منه، ذلك هو اختلاف الآراء، ولعله من أسباب تتابع الرسل وتوالي الكتب { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ

مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ }[1].

ويكون الاختلاف في أمور الدين والدنيا صغيرها وكبيرها، ولعل سبب ذلك تباين الطبائع، فالناس مختلفون في عقولهم وأفهامهم،

وفي ميولهم ورغباتهم، وفي تنشئتهم وثقافتهم. ولقد اختلف أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما - مرات عديدة في حضرة النبي

صلى الله عليه وسلم فما عنَّف واحداً منهما.

وكم من المرات التي اختلف بعض الصحابة رضوان الله عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ذاته مثلما كان من عمر رضي الله عنه

في أسرى بدر، وكذلك الحباب بن المنذر رضي الله عنه في اختيار موقع معسكر المسلمين في غزوة بدر، فقد كان من منهجه

صلى الله عليه وسلم استشارة أصحابه، فلربما سمع رأياً آخر فاستحسنه.

فإذا أدرك المحاور قبل حواره أن الاختلاف وتبادل الآراء طبيعة بشرية؛ أقبل على مُحَاوِرِه بنفس مطمئنة، وروح هادئة، تكون

سبباً في تقارب وجهات النظر وإماتة روح الفرقة والاختلاف، وإن ننس فلا ننسى قول الشاعر:

واختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية

فالنقاش حوار عقول، والمودة حوار عواطف، فخلاف بسيط في وجهات النظر لا يُذْهِب بالمودة والمحبة، ويأتي بالعداء والخصومة.


قال يونس الصدفي ـ رحمه الله -: ما رأيت أعقل من الشافعي.. ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال:

يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة !



يتبع


نهر الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس