عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-04-2011, 12:24 AM
د. وديع إلياس غير متواجد حالياً
د. وديع إلياس
د. وديع إلياس
 


افتراضي نقل أثر التدريب إلى واقع العمل والحياة





احتفاظ المتدرب بالتغيير واستمرار عملية العلم في العمل والحياة (نقل التعلم إلى مواقع العمل)





لقد عرف - منذ أمد طويل - ضرورة وأهمية نقل التعلم من مواقعه في مجال التعليم (التدريس) والتدريب إلى مواقع العمل والحياة، وبالرغم من ذلك فإن غالبا ما يفهم هذا النقل للتعلم على أنه تطبيق لما درس من قواعد ومبادئ على المواقف الجديدة.
وقد أهمل هذا الفهم ولم يأخذ في اعتباره ظاهرة مقاومة التعلم والتغيير وما تثيره هذه الظاهرة من مشاكل عند محاولة الفرد القيام بالتجربة والممارسة لما تعلمه، سواء بالنسبة للفرد نفسه وما يلاقيه من صراع ومقاومة في نطاق دنياه الداخلية أو ما يواجه الفرد من رفض ظاهر للتغيير أو مقاومة خفية في دنياه الخارجية (بيئة العمل والحياة العامة).
إن مشكلة الاحتفاظ بالتغيير والانتقال بالتعلم لاستخدامه في العمل والحياة لها جوانبها المعرفية والانفعالية فلعينا أن نفكر في دوافع الفرد للإبقاء على التعلم (والتغيير) والاحتفاظ به، كما يجب أن نعمل على أن يكون السلوك المكتسب قويا بالدرجة التي يمكن معها التغلب على كل ما يعتمل داخل الفرد من صراعات وتردد، وعلى قوى البيئة التي تتجه وتعمل ضد التغيير ومقاومته، في هذا السبيل يجدر العمل وفق المداخل والاتجاهات التالية.
- تقديم المعاونة للفرد في مواقف التعلم لتمكينه من تشخيص قوى مقاومة التغيير، والقوى الدافعة للتغيير أو المساندة له والتي يتوقع أن يواجهها الفرد في نفسه أو بيئته عند انتهاء التدريب وعودته إلى ممارسة وظيفته.
- تقديم المعاونة للفرد في مواقف التعلم كي يقيم ما لديه من إمكانات القوة ونواحي الضعف، وذلك في إطار معاونته على التغير.
- تقديم المعاونة للفرد في مواقف التعلم ليقوم بتخطيط إعادة بناء نفسه في مجالات وأبعاد دنياه الخارجية - بعد الانتهاء من التدريب - وبما يبقى عليه تعلمه وتغييره.
- تقديم المعاونة للفرد في مواقف التعلم في مجال التخطيط لتهيئة قيام المساندة والحصول عليها في نطاق العمل والحياة، وفي هذا السبيل تقام المساندة للتغيير وتدعيمه في مواقف العمل والحياة على نمط أسلوب المساندة والتدعيم السابق مرور الفرد بخبراته في مواقف التعلم، والتي سبق أن روعي فيها أن تشابه ما يمكن الحصول عليه من مساندة ودعم من مواقف العمل.
- تقديم المعاونة للفرد في مواقف التعلم كي يبني وينمي لديه تنظيما للتعلم يكفل له استمرار نشاط عملية التعلم لديه بعد انتهاء التدريب، وعلى ذلك يهتم بتعلم الفرد وإكسابه أساليب تجربة وممارسة اتجاهاته وسلوكه وتحليل خبراته فيها بما يشجعه على استمرار التعلم من خلال الخبرات المختلفة المتباينة التي يمر بها في العمل والحياة.
إن مفهوم العالم النفسي ليفين لدورة التغيير بالفرد من مرحلة ذوبان التجمد، فالتجمد ثم ذوبان التجمد والرجوع إليه له أهمية فيما يجرى من دارسات وبحوث حديثه، فلم توجه العلوم الاجتماعية إلا مؤخرا بحوثها ودراساتها في إطار متكامل منظم ناحية مشاكل الاحتفاظ بالتغيير.
وتمثل الجهود التي تبذلها مختبرات التدريب القومية بأمريكا لإعداد أفراد صالحين للقيام بالتغيير والتخطيط المسبق لتطبيق ما اكتسبوه من التدريب عند العودة لمواقع العمل مجالا آخر من مجالات خبرات نقل التعلم والاحتفاظ بالتغيير.
كما أن كثيرا من بحوث ودراسات علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي قد اتجهت صوب تحليل ومواجهة مشاكل مقاومة الاتجاه إلى التغيير في التنظيمات الاجتماعية.
إن احتفاظ الفرد بتعلمه بعد انتهاء التدريب، وما أكتسبه من تغيير وذلك في مواجه ظاهرة مقاومة ظاهرة مقاومة التعلم والتغيير ليقابله ويتكامل معه استمرار نشاط عملية التعلم الفردي، أي استمرار التعلم والتغيير لمواجهة الواقع والمواءمة معه، ولهذا يجب أن تستهدف مواقف (التدريب - والتعلم) معاونة الفرد على رفع كفاءة وتنشيط عملية التعلم لديه واستمرارها بعد انتهاء التدريب، بما يمكن معه تحصيله الكثير من التعلم والتغيير من خلال خبراته المختلفة في العمل والحياة، وهنا تبرز أهمية ترابط وتكامل مداخل أو عناصر قيام عملية التعلم الفردي في مواقف التدريب فحين يتعلم الفرد أن يستخدم الأساليب العلمية للتجربة والملاحظة والتحليل لاتخاذ القرار في مواقف الحياة اليومية وحل مشكلاتهاوت الإدراك وإغماض العين وإغلاق الأذن عن المعلومات والمعرفة، تصبح عملية التعلم والتغيير من خلال الخبرات الفردية والجماعية عملية مستمرة.
وحين يتعلم الفرد من خلال التفاعل وتبادل المعاملات البشرية في مواقف التدريب أن يكون أكثر وعيا بمشاعر القلق لديه واتجاهاته السلبية والتحكم فيها في كثير من الأحيان، وبما يؤدي إلى تنشيط التعلم والتغيير لديه، وحين تؤدي مواقف التعلم إلى أن يكون المتدرب أكثر قبولا لنفسه (وصوره الذات لديه) وتزيد تبعا لذلك مشاعر أمنه الداخلي واطمئنانه وتقل حالات ظهور سلوكه الدفاعي وتضعف حركيته، يصبح المتدرب بذلك أكثر قدرة على الإدراك السليم ودقة التفهم الموضوعي، وعلى استخدام استجابات الغير وردود الفعل منهم (لما يصدر عنه من أفكار وأنماط سلوك) في استمرار عملية نموه وتعلمه الذاتي.
وبالاختصار فإن التعليم أو التدريب في جميع مواقف العملية المتكاملة (التدريب - والتعلم)ليستهدف ابتداء غاية أساسية وهي معاونة الفرد في مواقف التعلم على أن يتفتح بدنياه الداخلية في تفاعله مع الغير فيخرج مشاكله وحاجاته للتعلم إلى مستوى الوعي وإمكانية التعبير، وأن يصغي ويقبل - بل يشجع - ردود الفعل من الغير واستجاباتهم لأفكاره وسلوكه، وتستهدف مواقف التعلم غاية أخري لتكمل تنمية عمليات التعلم والنمو بالفرد حيث تعاون الفرد على أن يكتسب أساليب التجربة وتحليل الخبرات التي يمر بها في العمل والحياة، وأن يستخدم ما يحصل عليه من المعرفة نتيجة لذلك لمزيد من النمو والتنمية الذاتية.
















رد مع اقتباس