عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-13-2011, 02:21 AM
د. وديع إلياس غير متواجد حالياً
د. وديع إلياس
د. وديع إلياس
 


Thumbs up أنت قائد إذا أنت مسئول

أنت قائد إذا أنت مسئول



جلس القائد في مكتبه يراجع الملفات والتقارير التي وردت إليه.. وبينما هو منهمك في عمله الذي يحبه ويخلص له بشدة، وهو بشهادة الجميع من الكفاءات في مكانه، فوجئ بالجندي يدخل إليه حاملاً رسالة مختصرة من رئيسه تقول: "لقد أسرفت في السهر والشراب ليلة أمس، مما أثّر على عملك اليوم بشكل ملحوظ، وأرجو ألا تكررها"!!

تعجّب القائد من فحوى الرسالة؛ فهو لم يسهر لا ليلة أمس ولا الليلة التي قبلها، ولا هو من هواة ذلك، وليس معروفاً عنه ذلك.

قدّر القائد أنه ربما هناك خطأ ما، أو أن هناك احتمالا أن تكون هذه الرسالة تحمل لغزاً سيكشفه لاحقاً.. وعاد مرة أخرى إلى عمله.

في اليوم التالي، وبينما هو منكبّ على أوراقه، وفي نفس الساعة، دخل إليه الجندي يحمل رسالة مشابهة من قائده أيضاً تقول: "لقد حذّرتك مسبقاً من السهر والإفراط في الشراب؛ لكنك لم تلتزم بما نبهتك له.. وهذا آخر تحذير لك بالعودة لذلك"!!

هنا لم يجد القائد بُدّاً من التوجّه لقائده لسؤاله عن لغز هذه الرسالة.. دخل القائد إلى رئيسه، وقال: لقد وردتني من سيادتكم رسالة على مدار يومين لم أفهم مضمونها؛ لكني أؤكد أنها مخالفة للواقع تماماً؛ لأنني لا أسهر ولم أعتد الشراب مطلقاً.

نظر رئيسه له ملياً، ثم قال:ألست مسئولاً عن مجموعة من الجنود تديرهم وتنظّم عملهم؟

قال القائد: بلى.

فقال رئيسه: منذ اليوم الذي أصبحت فيه مسئولاً عن مجموعتك، لم تعد مسئولاً فقط عن نفسك وعن أفعالك؛ بل عن كل أفعالهم.. فكما يُنسب لك حُسن التخطيط الذي يقومون هم بتنفيذه، ويضاف لسجلّ نجاحك كل عمل تقوم به مجموعتك؛ فعليك أن تتحمل كل خطأ يفعله أحدهم.. لقد أفرط أحد جنودك في السهر والشرب لليلتين، ولم تعلم أنت، أو لم تتخذ إجراء بشأنه!

هذه هي أصول القيادة التي يتمّ تدريسها؛ لكن يبدو أن الكثير من القادة ينسون أول قاعدة للقيادة عندما ينزلون إلى ساحة التنفيذ، ينسون أن معنى أن تكون قائداً أنك دائماً مسئول..

لا يجوز أن ألقي باللوم على تقصير أحد، أو تخاذله أو سوء ضميره أو نيته أو تصرفه؛ فدوري كقائد يقتضي أن أُحسن اختيار مَن يعمل معي، وأن أضع كلاً منهم في مكانه المناسب،

وأن أتابع وأراقب تصرفاتهم دائماً، وأن أقوّم باستمرار كل اعوجاج -ولو كان بسيطاً- بسرعة، وقبل أن يكون ملحوظاً أو مؤثراً على العمل الذي تقدمه هذه المجموعة.

وقد ضرب لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أروع الأمثلة في هذه القاعدة فقال: "لو أن بغلة في العراق عثرت لَسَأَلني الله عنها لأنني لم أعبّد (أي أمهّد) لها الطريق".. وكان مقر قيادته رضي الله عنه في المدينة المنورة التي تبعد آلاف الكيلومترات عن العراق






رد مع اقتباس