عقوبات القلوب
أعظم المعاقبة أن لا يحس المعاقب بالعقوبة . وأشد من ذلك (أن) يقع السرور بما هو عقوبة ، كالفرح بالمال الحرام ، والتمكن من الذنوب .
ومن هذه حاله ، لا يفوز بطاعة .
وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء و المتزهدين ، فرأيتهم في عقوبات لا يُحِسٌون بها ، ومعظمها من قِبل طلبهم للرياسة .
فالعالم منهم يغضب إن رٌد عليه خطؤه ، والواعظ متصنع بوعظه ، والمتزهد منافق او مُراء .
فأول عقوباتهم : إعراضهم عن الحق شغلا بالخلق .
ومن خفي عقوباتهم :سلب حلاوة المناجاة ، ولذة التعبٌد .
إلا رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، يحفظ الله بهم الأرض ، بواطنهم كظواهرهم ، بل أجلى ، وسرائرهم كعلانيتهم بل أحلى ، وهممهم عند الثريا ، بل أعلى إن عُرِفوا تنكروا ، وإن رئيت لهم كرامة أنكروا .
فالناس في غفلاتهم ، وهم في قطع فلاتهم ، تحبهم بقاع الأرض ، وتفرح بهم أفلاك السماء .
نسأل الله عز وجل التوفيق لاتباعهم، وأن يجعلنا من أتباعهم .