الكفاءة والفاعلية في التدريب

[د. وديع إلياس]

الكفاءة والفاعلية في التدريب

يجدر بنا أولا أن نحدد مجال عملية التعلم التي يمر بها المتدرب وفق خطة مدروسة أتاحت لنا تصميم البرنامج لمقابلة احتياجات الدور الوظيفي، واستدعت بالضرورة إعداد المادة التدريبية من المعلومات والقدرات والسلوك التنظيمي المطلوب إكسابه للمتدرب، سواء في مادتها المكتوبة أو أساليبها التدريبية ؛ لتزيد من حصيلة ما لدى المتدرب منها ولترتفع بأدائه وسلوكه الوظيفي إلى المستوى المرغوب فيه.
ويمر المتدرب بخبرات عملية التدريب (السابق إعدادها وفق خطة مدروسة) داخل قاعات التدريب ليخرج منها بعد نهاية مدة البرنامج وقد أشارت نتائج اختبارات القياس (قبل وبعد البرنامج) على كفاءة عملية التدريب في إكسابه قدر كبير من المعلومات والقدرات والسلوك لتحقق بذلك الأهداف الإجرائية لبرنامج التدريب، وهنا يبرز التساؤل هل انتهت عملية التدريب بخير والحمد لله؟
إن عملية التعلم بالفرد عملية مستمرة مدى الحياة، وحين ينتقل المتدرب من قاعات التدريب إلى مواقع العمل تواجهه أزمة تحقيق الذات بعد أن أضاف التدريب لصورة الذات لديه رتوشا من المعرفة والاتجاهات والقسم والمهارات والسلوك التنظيمي ما جعلها في أبهى رونق وأقيم تكوين، ويواجه المتدرب بمعوقات المناخ التنظيمي في العمل بشكل أو بآخر...إحباط جهوده في الإضافة أو التجديد، قتل روحه المعنوية بالمواجهة الصريحة بالتقليل من قيمة ما لديه من معلومات وانتقاص من جهوده أو عدم الاستجابة إطلاقا لمحاولاته في الحصول على تعضيد رئاساته ومساندتهم له، ويتكيف المتدرب أخيرا للمناخ السائد في العمل ويعود إلى التزين باللباس الملائم له بعد معاناة أليمة لصراعات تحقيق الذات وإحباطات الفكر والقيم، ماذا يكون تقييمنا لعملية التدريب في هذا الوقت؟
فهناك فرق بين كفاءة التدريب وفاعليته فحيث تتوقف كفاءة عملية التدريب على توخي شروط نجاح عملية التعلم للمتدرب في كل عناصر العملية التدريبية داخل قاعات التدريب، فإن فاعليته للتدريب تقاس بمدى تحقيقه لأهدافه في مواقع العمل، فكفاءة التدريب إذ تراعي الشروط التي تهيئ المناخ السليم لقيام التعلم الذاتي بنجاح في مواقف التدريب وخبراته - (داخل قاعات التدريب)، فإنها تؤكد ذلك في كل عناصر العملية التدريبية:- نوع البرنامج وأسلوب إعداده، المتدرب واختياره، موقف التعلم (أو المناخ التدريبي) داخل وخارج قاعات التدريب، المدرب موقفه من عملية التدريب وكفاءة ممارستها، المادة التدريبية وما تحتويه من مادة مكتوبة وأساليب واختبارات قياس.
ولا يمكن أن نؤكد على أهمية عنصر على عنصر آخر، ذلك أن العملية التدريبية هي تفاعل هذه العناصر جميعا، وعدم مراعاة ما يتطلبه نجاح التعلم الذاتي للمتدرب في أي من هذه العناصر يؤثر بالضرورة في كفاءة عملية التدريب.
ولا يمكن أن يوافقنا أحد - وقد تكبدنا المزيد من الجهد في الإعداد لكفاءة العملية التدريبية وفق الأصول العلمية لها - أن نكتفي بهذا الجهد ولا نساند مسيرتها ونؤكد فاعليتها بتحقيق أهدافها في مواقع العمل، خاصة وأن هيكل بنائها (العملية التدريبية) قد قام أساسا على دراسة متطلبات الدور الوظيفي لكفاءة وقيام المتدرب بمهامه (وعلاقاته) في مواقع العمل، وهنا وجب على العملية التدريبية أن تتابع جهودها بتدعيم علمية التعلم لدى المتدرب والتي بدأها في قاعات التدريب.