العودة   أكاديمية التدريب الاحترافي > أكاديمية التدريب الاحترافي لتطوير الذات > أكاديمية فنون الخط العربي
 

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 01-28-2013, 11:49 PM
الصورة الرمزية أم غلا
أم غلا غير متواجد حالياً
أم غلا
المراقبين
 


Thumb Yello الفن الزخرفي في الإسلام

فن الزخرفه فن الإسلام
الفن الزخرفي شأنه شأن الفنون البصرية الأخرى قد تشكل كخطاب من ائتلاف عقلي روحي ليكون بالنتيجة نصاً تطالعه البصائر ( لا النظر ) ، وذلك ما دأبت عليه كل الفنون الرمزية والتعبيرية والتجريدية ، والفن الزخرفي كذلك قد وجد من عالم لا مرئي ، ومذاقاته موائد مطلقة تمده بمعطيات يستطيع من خلالها أن يتحرر من عبودية الأطر المحدودة .
إن عالم الحس أو الدنيا ( كظاهر ) قد نال حظاً أوفر من الاهتمام في ميدان الفنون التشكيلية عبر تنوعات من الأساليب والمدارس ، في حين أن الظواهر لا تمثل إلاّ ركيزة من ركائز الحقيقة التي أُعْلنت كهوية ، إنها ( الأول والآخر والظاهر والباطن ) ، فالظاهر لا معنى له إذا ما تم تجريده عن حقيقته الأولى التي انبثق عنها ، ولا معنى له إذا ما انفصل عن مآله وآخرته ، كما أنه لا وجود له بمعزل عن حقيقته الباطنة أو الجوهر الذي أظهره للوجود بعد أن كان مغيباً .
من هنا يتضح أن البحث عن الحقيقة يفترض به أن لا يهمل تلك الركائز الأربعة ، ليكون الخطاب حاملاً بحق بصحة الحقيقة ، ومعبراً عنها ، وكلما اتجه البحث التشكيلي إلى تجذيب ذاته والتخلص من زياداته ومغادراً ذلك الاستغراق في وصف ركيزةٍ ما على حساب غيرها من الركائز ، كلما اقترب من نقطة الحقيقة ، فالنقطة تستدعي أقصى حالات الاقتصار والتجريد للوصول إلى القليل الدال أو بمعنى آخر للوصول إلى حقيقة النقطة ، والتي عبر عنها علي بن أبي طالب : " العلم نقطة كثرها الجاهلون " .
إذا أجرينا تحليلاً للفن الزخرفي ، نجده عبارة عن تكرارات لمفردة واحدة ، أي : لنقطة واحدة يلح بها الفنان من أجل أن نتأمل أبعادها ، فالبعد الأول الذي يتجلى لنا هو البدء ، أي أن هناك بداية تكفلت مساراً بصرياً ، حتى وصلت معه إلى نهاية ، أو ما يطلق عليه آخر ما وصل إليه الامتداد الزخرفي ، وما من شكٍ أن الفاعل أو الذي أظهر البداية والنهاية هو الفنان ، وأن الفنان قد تجلّى لقدرة وطاقة وفاعلية ووجود إضافي في زخرفته ، فلولاه لما وجد هذا النوع من الفن ، أي : إن الفن الزخرفي ظهر بفضل الفنان ، كما أن لهذا الفن كوامن تبطن فيه ، وأقل هذه الكوامن ، كون هذه الزخرفة تمثل فعلاً وفكرة وإرادة وقابلية وتمكين ، وغير ذلك من أوصاف يستحقه النسيج الزخرفي ، من هنا يتضح أن الزخرفة كتجريد ، استطاعت بجدارة أن تحمل خطاباً يأتلف فيه الظاهر والباطن والأول والآخر ، فكان خطاباً بصرياً معبراً عن تلك الثنائيات . القرآن الكريم بوصفه خطاباً يحمل كل المعرفة الإلهية التي تختص بعالم الوجود أعلاه وأسفله ، دقيقةً وكبيرة ، جميلة ً وجليلة ، وهو يمثل عوالم ( التشيوء ) ، أي : تلك التي جعلها الحق أشياءً بعد أن كانت في مخزون العماء . . شكل هذا الخطاب المعين الأعظم الذي يضرب كل ذي خطابٍ اللجوء إليه . فوجد فيه الفنان المزخرف المصدر الأعم والأشمل الجامع لما سلف ، والحاضن لما هو آت . . فالمزخرف المسلم بدلاً من أن يسند خطابه شكلاً وباطناً لفكرٍ سابق ، اتخذ من الخطاب القرآني ، ومن ثم الخطاب الديني – الصوفي مرجعيات له ، باعتبار أن القرآن فيه خبر ما كان ويكون وما هو كائن ، وإن الخطاب الصوفي عبارة عن أبعاد تأويلية للنص المقدس .
إن الخطابين القرآني والصوفي قد توجها بالشرح بثلاثة أبعاد يشكلان في الحقيقة ، حقيقة واحدة ، تلك هي ( الذات الإلهية ) ، فالرب والكون والإنسان ما هي إلاّ مرائي متقابلة تتكرر فيها حقيقة صورة الذات المطلقة ، وإن المرائي والصورة والتكرار ما هي إلاّ توجه الذات وإرادتها كما تحب وترضى كنت كنزاً مخفياً أحببت أن أُعرض فخلقت الخلق .
والفنان المزخرف المسلم حين أسند بحوثه إلى الخطاب القرآني ، إنما أراد أن يؤصل بحثه بحقيقة تحفظه من الزوال وتجعله يشع بالجمال والحيوية والنقاء ، وملهماً للذائقة بأصناف المعارف . . باختصار شديد ، استطاع والفنان المزخرف المسلم أن يتماهى في الحقيقة كالصوفي ، فكان فنه انعكاس عن ذلك الانغماس الروحي العذب .
إن التكرارات التي تتألف منها الزخرفة ، واستناداً إلى تلك المسلمات ، ما هي إلاّ ذكراً لوصف من أوصاف الذات التي تجلّت في الوجود ، تماماً مثلما يكرر الصوفية في طقوس الذكر اسماً أو صنعةً من أوصاف الذات ، والذكر هنا نقيض النسيان ، ذلك لأن النسيان لا يتناسب مع المتألّه أو الرباني ، وإن الإنسان لا يمكنه بلوغ رتبة الفناء في الحق ، ما لم يكن كلهُ مستغرق في كلّهِ ، ولا يتم هذا إذا كانت فيه بقية من ناسوتيته ، لأن ( الناس من ناسِ ) والحق لا يُنسى جلّ في علاه .
فالتكرار هنا تذكير وتأكيد على الحقيقة ، وأن المزخرف قد استهل هذا التأكيد من الخطابين القرآني والصوفي ، لما وجد فيها من أهمية ، فالقرآن الكريم حافل بالتكرارات ، والذكر الصوفي يحمل الخاصية ذاتها ، وكل واحدة منهما صدىً للحقيقة الخالدة ، ويميل إليها والتكرار الزخرفي هو الخطاب البصري الذي أراد أن تكون له مشاركة في هذه الدعوى والإرشاد .
والتكرار في حقيقته مواصلة المرابطة مع الحق ظاهراً وباطناً ، فالخطاب القرآني حين يكرر آياته ، إنّما يريد بذلك إحالة المستلقي إلى الحقيقة المطلقة لتبقى مدار بحثه وتأمله ، وتكرار الذكر الصوفي يسعى للاتجاه ذاته . والفن الزخرفي لا تفوته المشاركة المقدسة بصرياً ليميل الذائقة إلى الخطابين ، ليجدوا طريقهم إلى الحقيقة المطلقة .






رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإسلام والموهبة د. وديع إلياس أكاديمية الموهبة والإبداع 4 04-01-2024 05:13 AM
مبادئ التنظيم الإداري في الإسلام أم غلا أكاديمية إدارة الموارد البشرية 1 12-08-2023 08:35 AM
فن الإدارة في الإسلام أم غلا أكاديمية إدارة الموارد البشرية 1 12-03-2023 05:59 PM
الشاب الياباني كوجو ودخوله الإسلام mẨřЎặm..εïз أكاديمية القصص التدريبية 1 12-27-2011 07:57 PM
ساهم في نشر الإسلام وأنت مرتاح في مكتبك بأيسر وأسهل الطرق ( موضوع متكامل ) mẨřЎặm..εïз أكاديمية روائع الإسلام 0 07-18-2011 04:53 PM

Free counters!